*الوطنية وحب الوطن ليست سلعة تباع وتشترى وفقا لمقتضيات بورصة المزايدات ..والحرص على الوطن وسمعته واعلاء شأنه في كل مناسبة لايتطلب إستعراض عضلات وتهريج على الهواء لأن الوطنية إكسير حياة ..تماما كالدم الذي يسري في العروق ومثل الماء الذي لاحياة بدونه وكالهواء الذي يحفظ دورة حياة الطبيعة والكائنات ..
هذه مسلمات أو بديهيات معروفة وليست مقتصرة علينا فقط .. فكل انسان سوي في هذا العالم عاشق ومحب لوطنه ويتمنى له الخير والفلاح دائما من دون أن يستغل حب الوطن وشعار الدفاع عنه سيفا دعائيا فارغ المضمون ويشهره البعض للأنتقاص من الاخرين وتسقيطهم هنا وهناك . وبقدر تعلق الأمر برياضتنا وكما هو حال الكثير من المشاهد والصور النشاز التي صارت طبيعية الظهور في واقعنا الحالي , صارت كل مشكلة أو أزمة رياضية مهما كانت بسيطة أو سهلة منذ زمن ساحة للمزايدات والخطابات التي يصنف الكثير منها في خانة التسقيط والتشهير وتصفية الحسابات أكثر منها قضية حرص على الرياضة ودفاع عن السمعة وبكاء على اللبن المسكوب .وللأسف إنساق كثيرون وبسبب غياب الرؤى الرصينة الى معارك - فضائية - في بعض القنوات التي أستثمرت الأمر تحقيقا للأثارة من دون حساب ماتفرزه المعارك والتصريحات الأعلامية ونشر غسيلنا بكل مايحتويه من اثار ونتائج جعلت منا مصدر تندر وسخرية الاخرين .
كنت أتمنى أن يبعد هذا الملف الرياضي أو ذاك عن سوق المزايدات والفوضى وتعالج نقاط الخلاف والإختلاف على طاولة الصراحة في حوار العقل والعقلاء وعدم إستغلال أي ملف مختلف عليه أو هو مصدر تباين في وجهات النظر ويتحول الى ورقة لعب على طاولة المتصارعين والمختلفين والمتخاصمين وكلهم يتحدثون بالوطن والوطنية , لكن بعضهم يتمنى في كرة القدم -على سبيل المثال - خسارة هذا المنتخب أو ذاك في كل مباراة لأعتقاده وفق منطق مريض ورؤية مريضة ان الخسارة هي هزيمة أو ضربة قاصمة افلان أو علان .
ومن المؤسف جدا أن تصل الحال بالبعض الى هذا المستوى من الضحالة ولن أزيد أكثر .
وفي ظل الواقع الرياضي المرير الذي يزداد بؤسا يوما بعد اخر فإن صوت الحكمة الغائب والمغيب في شكل شبه مستمر يفرض على العقلاء من أصحاب القرار والمؤثرين في المشهد الرياضي إعادة تفعيله وتغليب قوته وصداه على ماعداه من أصوات نشاز وإرادات منفعية وأجندات مغرضة لاتريد خيرا لرياضة هذا الوطن الجريح بطعنات أبنائه قبل طعنات المتربصين من الخارج ,
وصوت الحكمة المغيب لايمكن عودته ليكون سيد الموقف من دون مجهودات كبيرة ومحاولات جادة وعمل شاق تتفق عليه إرادات الخيرين والساعين الى رياضة حقيقية في بلادي وهو أمر يستدعي مبادرات فاعلة ورصينة من أهل القرار في ما لو كانوا حريصون فعلا على المصلحة الرياضية العليا وتخلى بعضهم عن النوازع الخاصة والرؤى المرحلية الهادفة الى تحقيق مكاسب انية على حساب الأمور الأهم .
الحكمة الغائبة
03/04/2024
التعليقات